أكد فضيلة الشيخ / محمد زكي بداري وقيادات مجمع البحوث على ترحيبهم ودعمهم لبيان معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، ونصه الآتي :
” من خلال خبرتي الطويلة في مجال العمل الدعوي أستطيع أن أؤكد أن المجلّات الدينية التي تصدر عن جمعيات أهلية تعمل في مجال العمل الاجتماعي ، ويسيطر عليها غير المتخصصين في العلوم الشرعية أو بعض المتخصصين المنتمين بوضوح إلى تيار الجماعات الإرهابية ، أو المحظورة ، أو المتشددة ، أو غير المتخصصة على أقل تقدير ، تعد من أهم روافد التشدد وإثارة البلبلة في مجال الفتوى بترويجها لفتاوى لغير المتخصصين ، مما يشكل خطرًا داهمًا على الثقافة الإسلامية الصحيحة ، والأمن والسلام المجتمعي ، بل إن بعضها قد يتضمن من طرف جلي أو خفي نبرات تحريضية وغطاءً للعنف الفكري ، وترويجًا لأفكار جماعات متشددة .
كما أن بعضها قد يكون صادرًا دون أي تراخيص وغير معتمد من نقابة الصحفيين ، الأمر الذي يجعلنا نطلب من النقابة إعادة النظر في جميع الإصدارات الدينية التي تصدر عن الجمعيات الأهلية في غير اختصاصها .
كما نطالب بسرعة الكشف عن تمويل هذه المجلّات ، والتي قد يكون إصدارها على حساب أموال التبرعات التي ينبغي أن توجه لسد جوعة الأيتام والفقراء لا تلميع بعض الوجوه إعلاميًا من خلال هذه المجلات ، أو قد يكون بتمويل أو دعم أجنبي يهدف إلى شق صف البناء الفكري والثقافي والنسيج المجتمعي المتلاحم لهذا الوطن .
على أن بعض هذه المجلات قد تطبع عشرات الآلاف وتوزع معظمها مجانًا ، مما يدفع للقلق تجاه هذا التوزيع المجاني .
كما أطالب وبشدة بضرورة أخذ رأي هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في هذه الإصدارات إن كنا حريصين على الفكر الوسطي .
وأؤكد أن أثر الكلمة أو الفتوى إذا صدرت عن غير متخصص مقروءةً لا يختلف عن أثرها مسموعة أو مرئية ، بل إن المكتوب أبقى زمنًا ، وأطول أثرًا ، وأن بعض هذه المجلات تعمل لصالح فكر بعينه أو فصيل بعينه ، وأن الدولة قد تمكنت في الشهور الماضية من ضبط شحنات كبيرة من الكتب تروج لأفكار الجماعة الإرهابية المحظورة ، وأسهمت الأوقاف في كشفها وفرزها قبل نثرها في المجتمع ، مما يؤكد أننا نواجه حربًا ممنهجة في كل الجوانب الأمنية والفكرية .
على أن ضبط الانفلات الفكري لا يقل أهمية عن إحكام السيطرة الأمنية على البلاد ، وأن خطورة الانفلات الفكري وبخاصة في مجال الفتوى ، وبث الأفكار الفكرية المتطرفة لا يقل خطورة عن الانفلات الأمني وفوضى انتشار السلاح ، بل إن الأمر الأول قد يكون مقدمة للأمر الثاني مع تهيئة المناخ له ، مما يستوجب التصدي بكل حزم لفوضى الفتاوى واقتحام غير المتخصصين لمجالها .
وفي الوقت نفسه نطالب بشدة وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة بتخصيص مساحات وافية للفكر الإسلامي الصحيح على أيدي العلماء المتخصصين ، لأن أهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق أو عدم إعطائهم الفرصة والمساحة الكافية لنشر صحيح الإسلام القائم على السماحة والوسطية ومراعاة مصالح الأوطان والبلاد والعباد ” .